بسم الله الرحمن الرحيم :
يوميات صيدلي في إحدي المستشفيات تكشف لنا الكثير عن الواقع الذي نعيشه و تفتح الباب أمام المجالات المتعددة لتغييره..
يوم عمل عادي جداً...
يدخل الصيدلي إلي المستشفي صباحاً في الثامنة و النصف تماماً( و هو نهاية ميعاد التوقيع) ليكون آخر من يوقع في كشف الحضور ( باعتباره أهم ما يحرص عليه الموظف الحكومي).
ثم يتوجه إلي الصيدلية و يبدأ في الأستعداد لصرف الدواء للمرضي الذين يتزاحمون علي شباك الصيدلية لتلقي العلاج الذي وصفه الطبيب( و بالطبع لا يتسع وقت الصيدلي لأكثر من مناولة الدواء للمريض و أن يتمني له الشفاء).
و يظل علي هذا الحال حتي ينتهي تزاحم المرضي و بعد ذلك يقوم بمراجعة العهدة و التأكد من سلامة الأرقام في الدفاتر ثم يقوم بتحضير الطلبيات التي يحتاج إليها من النواقص. آملاً أن يذهب إلي مستودعات الأدوية في الغد لصرف الطلبيات( و بالطبع يأخذ باقي اليوم أجازة... أو ما يعرف بخط السير)
و أحياناً ما يصادف أن يلتقي الصيدلي مع الطبيب في طرقات المستشفي فيتبادلان التحيات و ينصرف كل منهم لمتابعة عمله.( و يظل كل منهما في جزيرة منعزلة عن الآخر)
ثم يأتي ميعاد الإنصراف فيتوجه الصيدلي إلي الكشف للتوقيع بالإنصراف و ينتهي بذلك عمله اليومي.
و بنظرة فاحصة نلاحظ ما يلي:
ينحصر دور الصيدلي في استلام أو صرف الأدوية و الإمضاء عليها و متابعة العهدة.
لا يوجد تفاعل حقيقي بينه و بين الأطباء أو باقي الفريق الطبي.
لا يستخدم الصيدلي أي شئ مما درسه علي مدي خمس سنين في الكلية.
و مع الوقت يفقد الصيدلي كل مهاراته التي إكتسبها خلال سنين الكلية و تقل معلوماته و تكاد تختفي من عدم الأستعمال.
يزداد الشعور لدي الصيدلي و كذلك كل من يتعامل معه بإنعدام دوره و قلة أهميته و تأثيره في العلاج أو حالة المرضي.
و نتيجة أحساسه بإنعدام دوره يبدأ الصيدلي في البحث عن حيل للإنصراف قبل إنتهاء مواعيد العمل أو الغياب في بعض الأيام و غيرها من الحيل للتقليل من تواجده بالمستشفي.( و يحاول استغلال وقته في العمل الحر لتحقيق مكاسب مادية تعوضه عن إحساسه بعدم الأهمية أو وجود دور فعال يقوم به)
و في المستشفيات التي يوجد بها عدد كبير من الصيادلة تجدهم يتعاونون في تنظيم جدول الإنصراف المبكر فيما بينهم و ترتيب أيام الغياب غير الرسمية !